المقاومة الصحراوية السلمية: كديم إزيك، الضغط دفع الاحتلال إلى ارتكاب أعمال وحشية( دراسة يتبع)

Resultado de imagen de ‫كديم ازيك‬‎لم تصمد مقاومة سلطات الاحتلال أمام ثقل حزمة الضغوط الخارجية التي كانتتزداد ثقلا يوما بعد يوم. وحتى داخليا بدأت الإشاعات في المغرب تقول أن الصحراويين استقلوا وطردوا الاحتلال المغربي. أصبح الشارع المغربي لا يتحدث إلا عن ثورة الصحراويين وخروجهم النهائي خارج تخوم مدنهم في انتظار الاستقلال. من جهة أخرى فشلت " المفاوضات" التي ظنت السلطات المغربية أنها يمكن أن تقنع المنتفضين؛ لم تستطيع سل شخص واحد من صف المنتفضين أو تسل شعرة منهم أو تُلين موقفا واحد من مواقف ال20 الفا الذين كانوا في المخيم. أكثر من ذلك بادر الصحراويون الذين بقوا في المدن، مدفوعين بحماس الانتصار، إلى تنظيم تظاهرات في الشوارع  الفارغة تماما من الناس. بدأ لهب ضغط آخر من الشارع الصحراوي الثائر أصلا. حيال الانهيار الكلي لسلطات الاحتلال وانكسارها أمام الوضع في المخيم والمدن، تم إعطاء الأمر من القصر الملكي، بعد استشارة فرنسا طبعا والولايات المتحدة، لتفكيك المخيم بالعنف؛ أي إن يتم الهجوم بالجيش والدبابات على السكان العُزل الذين كان النظام المغربي يقول أن لهم الحق في التظاهر السلمي، وأنهم ينعمون بالديمقراطية والرخاء الاجتماعي. حل محل تلك اللغة المخملية وتلك الخطابات المزوقة لغة العصا، لغة الرصاص والوحشية. أظهر المغرب صورته الحقيقية الراسخة في تاريخه؛ صورة العنف البشع خاصة ضد الصحراويين.
في صباح يوم الاثنين 8 نوفمبر 2010 م استيقط المنتفضون- في الحقيقة لم يناموا أصلا حتى يستيقظوا- على الجيش المدعوم بقوات الشرطة يكتسح المخيم. تدخلت الدبابات، السيارات العسكرية، بينما كانت المدافع الرشاش تملأ السماء بالرصاص المشتعل لتخيف المنتفضين. ولم تقتصر المعركة على السيارات والدبابات فقط، بل شاركت أيضا الطائرات العسكرية بترهيب الناس بمرورها في وضع منخفض مطلقة العنان لأصواتها المخيفة وللقنابل الصوتية. أضيء سماء المخيم المنتفض بأضواء القنابل الكاشفة، رُميت القنابل المسيلة للدموع، بدأت مكبرات الصوت ترهب الناس، تطلب منهم إخلاء الخيام وإلا سيتم حرقهم أحياء وحرقها فوق رؤوسهم. لم يكن تحذيرا إنما كان تهديدا مرفقا بفعل: فعلا، بعد عدة دقائق، تم صب مياه حارقة وبنزين مرفق بنار على المنتفضين من الطائرات والصهاريج ليحرق الخيام المصنوعة من القماش. كانت النار تلتهم كل شيء يأتي في طريقها، وفي دقائق كان المخيم المتكون من 20 الف خيمة يتحول إلى رماد تذره الرياح الصحراوية المتحركة في اتجاهات مختلفة.


أمام وحشية التدخل المغربي تناثر الناس في الصحراء؛ بعضهم عاد إلى المدن، بعضهم تاه في الخلاء، البعض الآخر وقع في الاعتقال. كان هناك أمر عالي المستوى يحث على اعتقال، إذا أمكن، كل من شارك في الانتفاضة أو له علاقة بها، أو على الأقل تُشم فيه رائحة المشاركة في المخيم. امتلأت الشاحنات العسكرية بالمعتقلين، امتلأت الحافلات، أما من تمكن من الفرار، فكانت الملاحقة، يوما بعد ذلك، من نصيبه. إن الذين تمكنوا من الفرار من البطش في المخيم  على متن سياراتهم الخاصة لم يختفوا في بيوتهم؛ التحموا مع الذين بقوا من السكان وتمكنوا من تحرير مدينة العيون لمدة ثماني ساعات. رفعوا العلم الصحراوي على الإدارات، على المحاكم، على التلفزيون، وأصبحوا، ولو لبضعة ساعات، هم من يتحكم في المدينة. حين حل مساء نفس اليوم كان الجيش، البلطجية والأوباش يتدخلون بقوة وقمع بشعين. كان كل صحراوي يظهر في الشارع يتم رميه في شاحنة أو في سيارة بوليس ويذهب إلى المعتقل دون نقاش بعد تكسير عظامه وتدميره نفسيا. تمت مهاجمة مساكن الصحراويين ومحلاتهم التجارية والعبث بها. فبأمر من السلطات أُعْطي الضوء الأخضر للشماركية والبلطجية، محميين ومدعومين بالجيش والشرطة، ليحتلوا الشارع حاملين سيوفا، خناجرا، عصي، مطارق وليعبثوا بكل ما يمتلك الصحراويون؛ كانوا أيضا يعتقلون على الهوية؛ فأي صحراوي، شارك أو لم يشارك في الانتفاضة، يخرج إلى الشارع أو يوجد في بيته يتم اعتقاله، سبه، تعذيبه واستباحة ممتلكاته.           

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء