المبعوث الشخصي القادم للأمين


Resultado de imagen de ‫كريستوفر روس‬‎"استقال" المبعوث الشخصي للامين العام إلى الصحراء الغربية، كريستوفر روس، مثلما "استقال" كل الذين سبقوه. في الحقيقة مصطلح الاستقالة غير وارد إطلاقا، لكن التعبير الأكثر دقة هو القول أنه أقيل مثلما تمت إقالة الذين سبقوه.. لو تمعنَّا في الموضوع جيدا سنجد أن روس استنفذ كل وقته وهو يلف ويدور في حلقة مفرغة، وفي الأخير وجد نفسه يتفاوض مع نفسه أو مع ظله فقط بعد أن رفض المغرب استقباله. استقالة روس يمكن أن تفرض علينا الآن، بعد عشرين سنة مريرة من التعامل مع المبعوث الشخصي للأمين العام، أن نتساءل عن جدوى وجوده ما دام المغرب سيرفض التعامل معه إذا حاول زحزحة القضية عن نقطة الصفر. من جهة أخرى ستجعلنا استقالة روس ننتبه إلى نقطة وهي أن الأمم المتحدة وخاصة أمناءها العامين، وطمعا منهم في نشد "الحياد" السياسي ، تعاملوا مع تعيين المبعوث الشخصي وفقا لنظرية: مبعوث شخصي ينحاز للمغرب ومبعوث شخصي " ينحاز" للبوليساريو.
ففي 1992م تم تعيين السويسري جوهناس ماس على رأس المينورصو وقام بمهمة المبعوث الشخصي- مهمة المبعوث الشخصي اخترعها كوفي عنان سنة 1997م-، لكن اشعل المغرب في رأسه النار واتهمه بالانحياز للبوليساريو، وأنه غير مرغوب فيه. استقال جوهانس مانس وتم تعيين خلفا له يعقوب خان من الباكستان، لكن منذ الوهلة الاولى سكن في المغرب وانحاز له بشكل مطلق وأنتهى به الأمر مستقيلا بعد أن رفضت البوليساريو التعامل معه. جاء الأمريكي تشارلز دومبر وتم اتهامه أنه منحاز للبوليساريو فاستقال، وجاء جينسن لكن تم التعامل معه على أساس أنه منحاز للمغرب وضعيف. خلال فترة الأخذ والرد هاته حملت البوليساريو شعار أنه يجب أن يكون المبعوث الشخصي من بلد قوي يدافع عنه ولا يكون مرتشيا مثل يعقوب خان.   سنة 1997م تم تعيين الأمريكي جيمس بيكر، وكان هو أول من حمل اسم مبعوث شخصي للأمين العام، لكن في الأخير طلب منه صديقه جورج بوش الأبن أن يستقيل بطلب من المغرب مقابل فتح سجون سرية للمخابرات الأمريكية في المغرب أثناء حربها على افغانستان والعراق. بيكر تم التعامل معه في المغرب على أساس أنه منحاز للبوليساريو، وأنه هو الذي فرض على المغرب التفاوض المباشر مع البوليساريو تحت إشراف الأمم المتحدة والذي تم تفسيره على أساس أنه أعتراف ضمني مغربي بالبوليساريو. تم تعيين الهولندي والسوم، لكنه سرعان ما أنحاز للمغرب وقفز على كل الحقائق التاريخية والقانونية للقضية الصحراوية فتمت إقالته بعد أن رفضت البوليساريو التعامل معه. بعد ذلك جاء الأمريكي كريستوفر روس، لكن لم يستطيع المضي قُدما في الملف، وتم اتهامه من طرف المغرب أنه منحاز للبوليساريو.
الآن الخشية كبيرة في صفوف الصحراويين لإنه بعد روس حان دور المبعوث الشخصي المنحاز للمغرب إذا صحت نظرية واحد منحاز للبوليساريو وواحد منحاز للمغرب.
استقالة\ إقالة روس تفتح الطريق أمام الكثير من التساؤلات: ما جدوى وجود هذا المبعوث الشخصي إذا كان الجميع مقتنع أنه سينحاز أو سيستقيل؟ من أي بلد سيكون شخص المبعوث الشخصي القادم إذا كان المبعوث الأمريكي فشل على مدار عشرين سنة؟
الآن ستبدأ مرحلة البعث عن مبعوث شخصي سيقبله هذا الطرف ويرفضه ذاك، وهي مرحلة ستكون طويلة وقد لا تتم قبل سنة. وفي انتظار أن يتم تعيين مبعوث شخصي جديد متوافق عليه وهو أمر صعب، وفي انتظار أن يبدأ المبعوث القادم مهمته التشاورية من الصفر ويبدأ زياراته المكوكية الروتينية إلى الأطراف سيربح المغرب سنة أخرى أو سنتين من التماطل والعرقلة حتى تنتهي عهدة الأمين العام الجديد. إذن، في حالة أن لا تقوم البوليساريو بخطوة حاسمة برفض العودة إلى نقطة الصفر في التعامل مع الأمم المتحدة والمغرب ستنتهي عهدة الأمين العام الجديد دون نتيجة، وستبقى القضية الصحراوية مختزلة في مشاكل هامشية وسطحية لا تذهب إلى العمق مثل تعيين المبعوث الشخصي وبداية المفاوضات وانتظار الأمين العام الجديد وقضية  الكركرات.

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء