المرأة الصحراوية: بطلة وضحية للغزو المغربي(دراسة 2)



Resultado de imagen de mujer saharaui
بعض من أولئك الذين لم يستطيعوا الخروج، خاصة العائلات، كانوا يظنون أن ما حدث لا يعدو كونه خطأ بسيط سيتم تصحيحه في أسبوع أو اثنين، بعدها ستعود المياه إلى مجاريها، لكن، ولسوء الحظ، لم يكن خطأ بسيطا؛ كان عملا جبانا متعمدا، أما الأسابيع التي كان المحاصرون والفارون يظنون أنهم سيرجعون فيها إلى ديارهم فقد تحولت إلى عشرات السنوات، بل إن الكثير منهم لم يعد ومات في اللجوء أو في المنفى.
إن النساء الشجاعات اللاتي تمكَّن من الوصول إلى بعض القرى الآمنة في القلتة، أم دريكة، التفاريتي سرعان ما لاحقتهم الطائرات لتقصفهم تحت الأشجار وفي الكهوف. ففي هذه الأماكن التي لجأ إليها المدنيون أرتكب الطيران المغربي الكثير من المجازر دون احترام أي قانون عالمي. إن المجازر التي تمت في القلتة وأم دركة والتفاريتي لا يمكن نسيانها، وطال الوقت أم قصر ستصنف ذات أنها جرائم ضد الإنسانية. ففي تلك الصحراء البعيدة عن الأنظار وعن الكاميرات استعمل الطيران المغربي الفسفور والنابالم المحرم دوليا ليقتل به كل كائن حي يقع فوق الأرض، دون تميز بين طفل وامرأة وعجوز. كان القصف متعمدا؛ فهو لم يستهدف المراكز العسكرية للبوليساريو، لكن استهدف التجمعات السكنية والخيام التي لجأ لها الأطفال والنساء والعجزة. ففي كل تلك الغارات التي شُنت على تلك المخيمات قليلون هم الرجال الذين جرحوا أو استشهدوا، او يمكن أن نقول أنه لم تقع إصابات في صفوف الرجال. كل الضحايا كانوا مدنيين؛ كانوا نساء وأطفالا. الكل لازال، بدون شك، يتذكر صور الجرحى المدنيين المرعبة التي دارت على العالم كله تلك الأيام. منْ لا يتذكر الآن المرأة التي فقدت نصف صدرها في القصف وكانت تروي للصحافة كيف حدث القصف الهمجي. ؟ منْ يستطيع أن ينسى صورة البنت الصغيرة التي فقدت ذراعها في ذلك القصف.؟ ومن سينسى صورة الطفل الذي أصابته شظية وتركت جمجمته مفتوحة.؟
وبالإضافة إلى صور النساء الجريحات لا ننسى أنه سقطت الكثيرات أيضا شهيدات وتم دفنهن قبل إن تصل وسائل الإعلام.
وإذا كان القصف قد انتهى خلال عدة أسابيع فإن رعب الطائرات وأصوات صفير انفجار القنابل التي كانت تنفجر قد رافق أولئك الضحايا سنوات طويلة بعد ذلك. ففي مخيمات اللاجئين، كان الذين قصفتهم الطائرات يستيقظون في الليل ويصرخون: الطائرات، الطائرات. ولا تتوقف حكاياتهم عند الاستيقاظ مرعبين فقط، لكن بعض النساء اللاتي أرعبتهن الطائرات، حين أنجبن أبناء بعد ذلك في اللجوء، قلن إن أبناءهن أيضا كانوا يستيقظون في الليل مرعبين يصرخون، ويقولون لهن أنهم يسمعون أصوات انفجارات وهمية.

كانت النساء هن أكثر ضحايا الحرب التي شنها المغرب وأحتل عن طريقها الصحراء الغربية؛ فهن أكثر من تعرض للقصف والمتابعة والتيه في الصحراء. كُنَّ أيضا أول ضحايا سقطن تحت القنابل، والكثير منهن لازال يحمل جراحه معه إلى اليوم. على واجهة أخرى لم يستطيع الكثير منهن الخروج من المدن المحتلة وبقى هناك بعيدا عن الزوج والأب والابن والأخ.

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء